الساعة الآن الحادية عشر ليلاً, موعد هجرتى إلى السرير, زوجتي في هذا الوقت لديها طقوس خاصة بها, لن تنام قبل أن تؤديها, كثيراً ما تعجبني فيها تلك الطقوس, طقوس ما قبل النوم كانت قراءة القرآن وما تيسر منه, لديها غرفة خاصة لم يأخذني الفضول يوماً لدخولها واقتحامها, أردت أن أترك لها جانباً من حريتها, فعش الزوجية لا يعني أن نختنق ببعضنا أبدا.
في ذلك اليوم سمعتها تتكلم في غرفتها, أثارني الفضول لمعرفة سبب تحدثها مع نفسها, ماذا اصابها؟؟!! سترك يا رب, لم يكن معها أحد لذلك قادتني قدماي إلى باب غرفتها, أتنصت إليها, سمعتها تخاطب أحداً, وتقول له حبيبي, يا الله !!! أيُعقل هذا ؟؟؟!!! هل لديها حبيب غيري؟! لم أستطع تكملة تصنتي عليها, ذهبت مهرولاً إلى سريري ودمعة تسبقني إلى وسادتي, أخذت منديلاً ومسحت دمعتي.
عادت زوجتي إلى غرفة نومنا وتمددت بجانبي وهي تخاطبني ((حبيبي مالك نائم قبلي ؟؟)) في حاجة ؟؟؟
غصة في حلقي منعتني من الإجابة حينها, بعد برهة ابتسمت في وجهها قائلاً ((تأخرتي عليّ ...اشتقت ليك ...
طبعت على جبيني قبلة وهي تقول ((تصبح على خير حبيبي )), ووضعت دبدوباً بيني وبينها واتجهت إلى الجهة الأخرى تنام.
حبيبك؟؟؟ قبل دقائق هنالك شخص آخر تناديه حبيبك والآن تقولي لي حبيبي, يا الله!!! لم تسمعني زوجتي فقد كنت أتكلم في سري ولم يسمعني غيري ودموعي.
بت ليلتي تلك أراجع نفسي, هل أغضبتها يوما؟؟؟ هل قصرت في حقها, لماذا تحب غيري؟؟؟؟
بعد أيام وفي وقت متأخر من الليل رن جرس هاتفها, نظرت إلى الرقم ورمقتني بنظرة ابتسام وذهبت إلى غرفتها, انتظرتها نصف ساعة عادت تضحك, لم أشأ أن أسألها خوفاً من أن اُغضبها, فأنا أحبها كثيراً ولا أتحمل أن تغضب.
قالت لي دون أي مقدمات أنه مديرها في العمل.
أي مدير هذا الذي يتكلم في ساعة متأخرة من ليلنا, حيث نود أن نكون معاً, لا ثالث لنا حتى الشيطان!!!!!
أهو شيطان أم ماذا ؟؟؟؟؟
أصبح من الطبيعي أن يتصل ومن غير الطبيعي أن لا يتصل, لذلك عودت نفسي وتعودت أن يشاركني في سماع صوتها في وقت متأخر دوماً.
قبل تلك التلفونات كانت حياتنا تسير كما حططنا لها, بدأت أعشق كل شئ فيها من يوم زواجي بها, همسها....ضجيجها....لعبها...جديتها....قوة رأسها,
حتى أنني تعلمت أن أستمع إلى فنانها المفضل, كانت تحب الاستماع إلى مروان خوري وتدندن لي بين حين وآخر بأغنية قصر الشوق.
صرنا نرددها سويا :-
صوتك وجهك عطرك شعرك لمسة ايدك عمتندهلي
شايف فيكي ام ولادي شامم ريحة ارضي و اهلي
بحلم فيكي و عم بتامل يكبر مرة الحلم ويكمل
عمر بيتي عايديكي بيت صغير يصير الأجمل
شايف فيكي ام ولادي شامم ريحة ارضي و اهلي
بحلم فيكي و عم بتامل يكبر مرة الحلم ويكمل
عمر بيتي عايديكي بيت صغير يصير الأجمل
كان صوتها حين يخرج منها بتلك الأغنية يتحدى كل شئ, لذلك عشقت الأغنية بصوتها واستمع إليها كل حين وبين الأغنية أسمعها ترددها بصوتها.
كان يعجبني صوتها المتداخل أكثر من الأغنية نفسها.
في كل مساء وحينما نهم بالنوم كانت تدنو من اُذني وأسمعها تردد لي :-
هوها يا هوها ....البقرة حلبوها.....بابا سافر مكة ...يجيب لنا كعكة ...الكعكة فى المخزن... والمفتاح عند ال...
انام قبل ان تكمل .....
ماذا تغير فيها...وماذا تغير فى انا لكى يحدث كل هذا ..!!؟؟
أول أمس رن هاتفها كالعادة ذهبت إلى غرفتها, ذهبت أنا إلى بابها أتصنت كان هنالك ما فجعني!!
سمعتها تقول له وتحكي عن شوقها, عن ولهها به, بعد برهة تحور حديثهما, اصبحت تحدثه عن ما يود أن تلبسه له حين تقابله في هذه المرة :-
:- ما رأيك في لبسة جيب ...؟؟؟
:- حسناً, أأرتدي تي شيرت بلونك المفضل ؟؟؟
:- أم أرتدي بلوزة صدرها فاتح قليلا؟
:- وكيف تريد تسريحة شعري؟؟؟
:- نعم ادري إنه يعجبك حتى من غير أن أسرحه, ولكن حدثني عن أفضلها, ليس لي سواك أفعل لأجله كل هذا.
أصابني هذا بالجنون, ليتني لم أتصنت عليها, لم أتوقعها هكذا, زوجتي تخونني, وتعُد نفسها لغيري !!
البارحة كانت تجلس بجانبي في الكرسي نشاهد نوعاً من أفلامنا المفضلة , رن هاتفها في الواحدة صباحا , لم تقم هذه المرة من مكانها , حدثته بكل جرأة , واستطعت حتى أن أسمع صوته :-
:- هلا حبيبي..
:- هلا عيوني وحشتيني جد ..
:- بالاكتر والله كيفك اليوم واحشني خالص..
:- تمام ناقصك بس..
:- اها اتكلمت مع أبوي ؟؟؟
:- أيوا كلمته..
:- وقال ليك شنو؟
:- قال خطوبتنا إن شاء الله يوم الخميس الجاي .
:- ما بصدق ؟؟؟
:- والله جد..
:- ياااااااااااااااااخي بحبك..
:- وأنا بموووووووووووووت فيك..
:- حتكون أحلى خطوبة في الدنيا..
:- أكيد مش حنكون لي بعض..
:- يلا بودعك لحدي ما نتقابل الصباح, ونومي لي تمام عليك الله..
:- منو الحينوم دا خبر بيخلي الواحد ينوم معقولة بس؟!
خلاص نتواصل رسائل لحدي الصباح رايك شنو؟
:- خلاص اتفقنا..
:- يلا تصبحي على أحلى حب..
:- تصبح أحلى حبيب في الدنيا..
:- يلا سلام..
:- لا إله إلا الله..
:- سيدنا محمد رسول الله..
إلتفتت إليّ زوجتي بعد المكالمة وهي تمد يدها ليدي تريد أن تلمسها, وصفعتها لأول مرة في حياتي..
:- منو الكلمك دا ؟؟؟؟
:- دا مديري في الشغل.
:- ليه يكلمك في وقت زي دا ؟؟؟
:- خطيبي يكلمني في أي وقت إنت دخلك شنو ؟؟؟؟
جن جنوني في تلك اللحظة وتمنيت لو قتلتها بيدي, أو قتلت نفسي قبل أن أسمع تلك الجملة منها.
:- خطيبك ؟؟؟
:- أيوا خطيبي وخطوبتنا الخميس الجاي.
:- طيب وأنا ؟؟؟؟
:- إنت شنو ؟؟؟؟؟
:- أنا مش زوجك ؟؟؟؟
:- قول بسم الله زوج شنو وكلام فاضي شنو معقولة بس أنا أتزوجك إنت ؟؟؟ إنت جنيت ولا شنو ؟؟؟؟
تمددت على الأرض ولم أقوى إلا على الحديث معها..
لم تهتم بما يجري لي تحت نظرها وأخذت الريموت تتابع الفيلم كأن شيئاً لم يكن..
مددت يدي بصعوبة وفصلت قابس الكهرباء, أردت وضعه في جسدي حتى أعلن نهايتي ولكنني لم أستطع.
عاودت حديثي معها:-
:- وحبي لك ألم يكن كافياً لتبقى معي ؟؟؟
:- الحب لا يصنع الزواج, الحب مرحلة نمر بها وليس شرطاً أن نوفي لأبعد حد, هو لحظة نعيشها, وقد عشتها معك, لا يوجد نص في الحب يجبر مرتاديه أن يتزوجوا.
:- أريدك أن تبقي معي..
:- ماذا عندك لي ؟؟؟؟
:- حبي لك أكبر من كل شئ..
:- هو عنده وظيفة محترمة وسيارة وشقة..
:- المال ليس كل شئ..
:- والحب لا يساوي شيئاً لدي..
:- ألم تكوني زوجتي قبل قليل وإلى الآن؟؟؟
:- لا لم أكن زوجتك إطلاقاً ولن أكون, ماذا جرى لعقلك؟؟!!
:- ولماذا أنت في بيتي إذاً ؟؟؟
:- أنا ؟؟؟
:- نعم..
:- هذا ليس بيتك, ولا يوجد بيت أصلاً, هذا فضاء حلمك كان أكبر منك..
:- لم أفهم ما تقولين..
:- أفهمك..
:- أنت فقط أحببتني, وأنا لا أنكر أنني أحببتك أيضا, ولكننا لم نتزوج ولم نتخطب في حياتنا, أبى يرفضك, لا يوجد لديك ما يسعدني, سعادتي وجدها أبي عند شخص آخر, ولا أراه مخطئاً أبداً.
:- هل تقولين لي أننا لم نتزوج؟؟؟؟ ولم نتخطب ؟!فقط كانت أحلام؟؟؟!!
:- نعم أحلام, ويؤسفني أنني شاركتك فيها, عبرنا تلك المساحات ونحن نحلق فيها معاً بأجنحة صنعناها معاً, ولأن ظروفك وظروفي لم تساعدنا لنتزوج, يجب علينا أن ننفصل حالاً.
:- وحبي لكِ ماذا أفعل به ؟؟؟
:- يمكنك أن تحبني للابد, لا يوجد لديك شئ تخسره.
:- أيُعقل هذا؟!! أن أعشق أنثى متزوجة ؟؟؟
:- لا أستطيع أن أبادلك شيئاً, وكما ترى أحببت الآن خطيبي, ولا أحب أن أكذب على نفسي.
:- إخرجي من بيتي الآن قبل أن أقتلك.
:- ليتك تستطيع فأنا أبعد عنك الآن مئة وخمسون كيلومتراً ومدينتي غير مدينتك..
:- إني أراك بجانبي !!!
:- فقط أحلامك وخيالاتك هي ما دعتك لرؤيتى بجانبك..
أرجو أن لا تغضب مني, كل شئ قسمة ونصيب, ودعنا نكون أصدقاء.
انقطع الصوت.يبدو ان رصيدى لم يكن كافيا شعرت ببعدها عنى ....حقا تبعد عنى مئات الكيلومترات ...كان حلما لم اعد استطيع الافاقة منه بسهولة ....فى كل ليل ....وعند كل مساء اشعر بشئ ما ....يصيبنى برجفة...ارتعد عند حلول الظلام ...اتذكر ان زوجتى لم تعد لى ....عادت لرجل غيرى ....تعُد نفسها الان له ...
ليت الليل لم يعد ثانية فى حياتى ...فقد صرت اكرهه بأحلامه .... بوعوده الكاذبة ... بأنهيارى الذى يحدث عند كل غياب شمس جديد ..
باتت لغيرى .... وبت لا شئ دونها ....
انها تلك المرأة ... زوجتى .... وتعُد نفسها لغيرى ....
هناك تعليقان (2):
كما ايلفت لك في موقع القصة العربية
فغن هذه القصة اعجبتني اعجابا منقطع النظير..
اود استئذانك في نقلها لمنتديات سودانية، لي فيها بوست عن الانتاج القصصي العربي..
هذا بالطبع مغ حفظ كافة حقوقك الادبية
اخوك
أشرف السر
ashrafnesh@ hotmail . com
الف اهلا وسهلا ومرحبا صديقي الجميل اشرف السر ’’’ نورت المدونة ,,,تصرف فى قصصي كما تشاء ,, ولا تنسانا من بركة الرؤيا ,, لحروفك فى الامكنة التى تزور ,, محبتى,,
إرسال تعليق