الأحد، 9 يناير 2011

جنيهان وطفل سادس يقترب





جنيهان فقط هى ما تبقى لستر الحال,غرفة ضيقة متشابهة الزوايا والالوان,
او بالاحرى ليس لها لون ...تماما كلون فرحتهم التى لم يروها فى حياتهم
خمسة اطفال لم يتجاوز عمر اكبرهم العاشرة....نصيبهم من الحزن يكفى لأقامة حداد عليهم من دولة كاملة...
نافذة تطل على الشارع يغطيها جوال مهترئ بفعل تراكم مياه الامطار عليها
سقف يمكنك ان ترى الشمس من خلاله طوال اليوم ,تشتم من حائط مبكاهم رائحة روث حديثة جدا لم تتجاوز الشهر,
هذا هو استقبالهم لعيد اتى بدون جديد عليهم لا ملبس جديد ولا حتى خبر يسر انفسهم فى تلك الليلة, فقط روث ابقار....
رغم ذلك تراهم يضحكون بملء بطونهم الفارغة....سكناهم قرب المقبرة هو ما جعلهم اكثر ايمانا بالحياة ...لم يكفروا بنعمتهم تلك,فقط الحياة وان كانت على هامش ...

سبعة اشخاص هو تعداد الاسرة حتى ذلك الوقت من الليل ,ربما يضاف اليهم اخر عند اقتراب لحظة النوم الاخرى,ورغم ذلك سيفرحون به .,,,,
الثامنة مساء الان ..
بدأت الاصوات تخف رويدا رويدا ,فقط صوت زغرودة متقطعة فى اخر القرية وفى الجانب الاخر تماما ,طفلان يتصارعان لأجل الفوز بتربيزة
نعم تربيزة للنوم وللضيافة ولأشياء اخرى...
سرير واحد فقط يتوسط غرفتهم , لحافه كمية من الملابس القديمة التى لا تصلح لنظافة فانوسهم والذى مر عليه شهران دون ان يحترق .
...
صباحا ربما يضطر والدهم الى ايغاظ من نام فوقه حتى يلبس قميصا من القطع الملتحفة....
صوت برق قادما اليهم اخاف الصبية ....تكوموا كقطعة واحدة ...لم يعد يشعر بهم والداهم....
ريحاً اتية..احيانا يضطر والدهم للمبيت حتى الصباح خارج غرفتهم رغم عنف الامطار وقسوتها ,فقط لتوفير مزيد من الحيز لطفل...
صوت طفل يرتفع معلنا الجوع ....دمعة من الام خفية ولكنها لن تطعمهم فقط دمعة مواساة..وصبر لنفسها ..ولكن ماذا تفعل لصغيرها سألت الله ان ينام ذلك الطفل ,لكيلا يشعر بالجوع مرة اخرى ,فكل صرخة من احدهم تشعرها بذنبها فى ولادتهم ,ولكنها تستغفر الله على ما فكرت به للحظة ,مؤمنة جدا تلك المرأة , لطالما اعجبنى ايمانها ويقينها ,لم تفكر يوما فى اتخاذ وسيلة اخرى لتطعمهم ,فقط وفرت لهم الصبر ولم توفر لهم قطعة خبز واحدة ,ويا ليتها لو وفرت خبزا ...فليس بالصبر وحده يحيا الانسان ..

عاصفة ترابية قاتلة اقتربت ,,ها هى الان داخل غرفتهم ,سريعا هب الصبية مع والداهم ,كل شخص يحمل معه ما افترشه للنوم ,الطفل ذو الست سنوات يحمل تربيزته معه رغم معاكسة الريح له ,دخل الى اقصى الغرفة ,اتخذ زاوية امنة للنوم , والدتهم قامت بمحاولة اخيرة لأضاءة الغرفة الوحيدة التى تجتمع معهم , الفانوس يشتعل الآن ,حاجتهم اليه اكبر فى تلك اللحظة ,ريحا عاتية تطفئ الفانوس,
مرة اخرى يشتعل

ينطفئ
يشتعل
ينطفئ
يشتعل
يشطفئ...
اطلق الصبية ضحكاتهم,ضحكوا جميعا لهذا الموقف الطريف ,فقط والدهم هب مزعورا ,رفع الصبية واحد تلو آخر ,كمن فقد شئ ثميناً ,رفع جميع الملابس المُتحفة ,لم يجد ما يبحث عنه ,فى اخر الزاوية رأى طفلا ينام ,وتحته جلباباً ,قبل ان يدركه رأى التربيزة تتهاوى عليه,يسقط باكياً ,موجة اخرى من الضحك لمن يراقبهم ,لم يهتم الوالد به ,بل راح يهتم بما تحته ,جلباباً قديماً ..
سألته زوجته :- عن ماذا تبحث .؟؟؟
لم يجبها ...!!!
اسرع خارجا من غرفته ..
رأى فى آخر مد بصره شيئاً ابيضاً ...
جرى نحوه .........
عاصفة اخرى قوية تسابقه ...
ارتفعت على اثرها تلك القطعة البيضاء , جلبابه . جلبابه التى يبحث عنها
رأها ترتفع الى اعلى ....
الى اعلى ......
الى اعلى....
الى اعلى ..
لن يستطع ان يصل اليها ابداً
لقد فقد تلك الثروة
جنيهان
هى كل ما يملك
لغد
وبعد غد
ليته جلب بها ما يسد رمقهم
ولكنه سمع حديثا من احد اصدقائه ,ان حبوب منع الحمل سعرها جنيهان ,لا غير
شهور أُخرى
أعلنت فى فرحة
اضافة اخرى لعائلته
طفل سادس ....

العاقب مصباح