السبت، 22 يناير 2011

أحلام

كثيراً ما حلق فى الفضاء ,,, كثيراً جداً ,,, كانت معه ,,, تحُلق أيضاً ,,, بأحلامه ,,, وبعد سنوات عجاف ,, أدرك أن الأشياء المهمة ,, تحدث فقط على الأرض ,,,

متفائل

كعادته فى التفاؤل , عندما سألوه عن اليأس قال لهم :- هو أن تموت ويتم دفنك ويغادر المعزين , ولا تحاول أن ترفع رأسك لتعرف من فعل ذلك

جريمة قتلى

هذا الصباح حملت الصحف نبأ مقتلى ,,,لم أتردد كثيراً ,, حزنت مع الآخرين ,, الآخرين الذين يكنون لى مودة خاصة ,,,رأيت الأنثى تلك التى تكرهنى تبكى على بحرقة ,, حين قرأت مرثيتها فى الصفحة الآخيرة ,, فقد ذكرت فى كل الصفات الجميلة التى تحبها , الصفات التى لم تكن فى أبداً ,,

بعيداً عن الشمس

كانت شمساً حين منحته الدفء ,,, صارت قمراً حين وهبته الحلم ,, نجماً دلته على الطريق
,,, صار الآن يمشى ,,,, بضوء حواسه الواثقة,,,,,,,, بعيداً عنها ,,,

أوكسجين

وجودها بجواره حرمه متعة إستنشاق الأوكسجين ,,,, إستنشاقها له حرمها الأوكسجين الذى كان ممكناً أن يستنشقه هو ,,, ماتت ذرات الأوكسجين ,,, وهى تصارع الحنين نحوه,,

السبت، 15 يناير 2011

فراااااااااااااااق ,,,


إتفقنا أنا وهى ,,, على أن نبتعد عن بعضنا البعض .... بقدر يسمح للهواء بأن ينفذ من خلالنا ,,,, لآخرون يختنقون من فرط توحدنا ,,,,

الثلاثاء، 11 يناير 2011

عيوش وعيوشة


           خرجت حبة عيشة  سُميت عيوشة من مطمورتها وأخذت نفساً عميقاً كسجين طال به السجن لسنوات وقالت لعشيقها عيوش :- تعرف يا عيوش الدنيا دى رغم إنها ضيقة لكن فيها مساحات واسعة لى إتنين بيحبو بعض , ما مهم يطمرونا سنة ولا سنتين , إنت عارف قدرة تحملنا للألم أكبر من أى محاولة لطمرنا , نزلت دمعة متأثرة من عيوش وضمها إليه برفق نافضاً عنها غبار السنوات التى قضوها تحت التراب مطمورين .
قال لها عيوش حينذاك :- عيوشة غاليتى , لا تدعى الأيام تفرق بيننا , ربما نذهب فى شوالات عدة حين يقسمونا , عاهدينى أن لا نفترق عاهدينى ان لا نكون وجبة سهلة لهؤلاء , ألا يكفيهم حبسنا لسنوات عدة هنا دون تنفس حتى لو لم نكن نستنشق بعضنا كيف كان سيكون حالنا  ,البشر ليس لهم قلب , يعتقعدون أن العشق خاص بهم  ونحن مجرد أدوات فقط فى متناولهم , إن لنا قلوباً عيوشة , قلوباً تنبض حين تلمح عيوناً مثل التى لديك , هنا صاحت عيوشة :- دعنا نتمسك جيداً صاحبنا يقوم ((بضر)) العيش جميعه من أثر التراب العالق , دعنا نتمسك ببعضنا خشية ان لا نسقط خارج الدائرة فنكون وجبة دسمة لحمامة متشردة , وتعانقا وسقطا داخل جوال العيش فى بهجة يُحسدان عليها , تقاربها مع بعضهما منحهما بعض الدفء فى زمن الشتاء الآن , نزلت دمعة فرح من عيوش مسحتها عيوشة برفق بيديها اللدنتين ,وصارا فى مأمن من ان يقعا بالخارج وتوسطا جوال العيش خشية أن تقوم (فتاشة) ما بأخذهما كعينة للفحص غير المختبرى ولا يرجعها أبداً .  وقال لها :البعض حين التجريب يأكلنا والبعض يرمينا بعد أن  يستنشق رائحتنا , أستغرب حين يعرف جودتنا وكريم أصلنا من الرائحة , البشر أغبياء أحياناً رغم أنهم يتحكمون بنا .
بعد أشهر من العناق سمعت عيوشة خبراً , أن الغد سُيذهب بهم للسوق , تمنت بعد أن أدت صلواتها ودعت أن لا يذهبوا بهم نحو الطاحونة , وفى الصباح أتى صاحب العيش وفتح الشوال الذى كانت فيه عيوشة وعيوش وبعد أن أستنشق رائحته قال لأولاده :- الشوال دا ما تبيعيهو عيشو سمح خلونا نتيرب بيهو . هنا أصابت عيوشة هيستريا من الفرح على إثرها صح عيوش الذى كان نائماً حتى ذلك الوقت المتأخر وأخبرته بما حدث حينها ضمها إليه وأخذا يلعبان دون أن يزعجا العيش المتواجد حولهما وقال لها :- آخيراً يا عيوش حنتزوج ؟ .
ردت عيوشة :- تعرف يا عيوش دا يوم انا منتظراهو لى شهور طويلة , وكان نفسى تتقدم لى أمى وأبوى بس هم ماتوا يوم ولدونى وأخوانى الكبار  إنت عارف انهم فى الشوال التانى الودوهو السوق , وكدا مافى واحد بيقابلك من أهلى , أطلب يدى مباشر منى , ( تطلقها عيوشة ضحكة ) , وتنطلق منهما سعادة لا توصف , فى صباح اليوم التالى أصبحا زوجين إثر قيام أبناء المزارع برمى التيراب فى المزرعة كان الجو جميلاً وممطراً يشبه أجواء العرس عند قبيلة الذرة وتم دفنهما فى الطين وقد شاءت الأقدار أن يكونا معاً , معاً ولا ثالث لهما حتى الشيطان , زوجها نفسه , وزوجته نفسها , وبعد يومين لاحظت عيوشة ان بطنها أصبحت كبيرة نوعاً ما , وأنها ستنجب , كان عيوش يجلب الماء من حبات الطين المجاور ويهبه لعيوشة , كانت عيوشة مدللة فى بيتهما , وتشكل حملها أخضراً  خارجاً لسطح الأرض مستنشقاً الهواء ورائحة الدعاش , والماء الوفير , كان عيوش وعيوشة يراقبانه وهو يكبر ويكبر وكل يوم تزداد قوته وأصبح عصياً على الإنحناء فى وجه الهواء البارد والماء ,وبعد قرابة الشهرين فاجأ عيوش المخاض , لم تكن هنالك وسيلة للذهاب لمستشفى , فقط عليها أن تراقب , وعلى عيوش الذى يجلس على أعصابه أن يهدأ قليلاً فكل الأمور ستكون بخير , وخرج الصغار ذات صباح , كانت الفرحة كبيرة بمقدار غناء , ولكن الحزن أيضاً كان موجوداً , إذ أن خروج الصبية الصغار سيكون حتماً نهايتها وعيوش , أيام قلائل وستفارق الحياة , هى وعيوش , ولكنها سيكونون سعداء , لأن من أنجبوهم سيخلدون ذكراهم , فى مطامير الأرض الممتلئة , وسيظلون على الدوام يحكون قصة حبهم  , تلك التى أنجبتهم , كان المنجل يقترب , لحظتها تلك , وقصهما وهم فى عناق .



الأحد، 9 يناير 2011

جنيهان وطفل سادس يقترب





جنيهان فقط هى ما تبقى لستر الحال,غرفة ضيقة متشابهة الزوايا والالوان,
او بالاحرى ليس لها لون ...تماما كلون فرحتهم التى لم يروها فى حياتهم
خمسة اطفال لم يتجاوز عمر اكبرهم العاشرة....نصيبهم من الحزن يكفى لأقامة حداد عليهم من دولة كاملة...
نافذة تطل على الشارع يغطيها جوال مهترئ بفعل تراكم مياه الامطار عليها
سقف يمكنك ان ترى الشمس من خلاله طوال اليوم ,تشتم من حائط مبكاهم رائحة روث حديثة جدا لم تتجاوز الشهر,
هذا هو استقبالهم لعيد اتى بدون جديد عليهم لا ملبس جديد ولا حتى خبر يسر انفسهم فى تلك الليلة, فقط روث ابقار....
رغم ذلك تراهم يضحكون بملء بطونهم الفارغة....سكناهم قرب المقبرة هو ما جعلهم اكثر ايمانا بالحياة ...لم يكفروا بنعمتهم تلك,فقط الحياة وان كانت على هامش ...

سبعة اشخاص هو تعداد الاسرة حتى ذلك الوقت من الليل ,ربما يضاف اليهم اخر عند اقتراب لحظة النوم الاخرى,ورغم ذلك سيفرحون به .,,,,
الثامنة مساء الان ..
بدأت الاصوات تخف رويدا رويدا ,فقط صوت زغرودة متقطعة فى اخر القرية وفى الجانب الاخر تماما ,طفلان يتصارعان لأجل الفوز بتربيزة
نعم تربيزة للنوم وللضيافة ولأشياء اخرى...
سرير واحد فقط يتوسط غرفتهم , لحافه كمية من الملابس القديمة التى لا تصلح لنظافة فانوسهم والذى مر عليه شهران دون ان يحترق .
...
صباحا ربما يضطر والدهم الى ايغاظ من نام فوقه حتى يلبس قميصا من القطع الملتحفة....
صوت برق قادما اليهم اخاف الصبية ....تكوموا كقطعة واحدة ...لم يعد يشعر بهم والداهم....
ريحاً اتية..احيانا يضطر والدهم للمبيت حتى الصباح خارج غرفتهم رغم عنف الامطار وقسوتها ,فقط لتوفير مزيد من الحيز لطفل...
صوت طفل يرتفع معلنا الجوع ....دمعة من الام خفية ولكنها لن تطعمهم فقط دمعة مواساة..وصبر لنفسها ..ولكن ماذا تفعل لصغيرها سألت الله ان ينام ذلك الطفل ,لكيلا يشعر بالجوع مرة اخرى ,فكل صرخة من احدهم تشعرها بذنبها فى ولادتهم ,ولكنها تستغفر الله على ما فكرت به للحظة ,مؤمنة جدا تلك المرأة , لطالما اعجبنى ايمانها ويقينها ,لم تفكر يوما فى اتخاذ وسيلة اخرى لتطعمهم ,فقط وفرت لهم الصبر ولم توفر لهم قطعة خبز واحدة ,ويا ليتها لو وفرت خبزا ...فليس بالصبر وحده يحيا الانسان ..

عاصفة ترابية قاتلة اقتربت ,,ها هى الان داخل غرفتهم ,سريعا هب الصبية مع والداهم ,كل شخص يحمل معه ما افترشه للنوم ,الطفل ذو الست سنوات يحمل تربيزته معه رغم معاكسة الريح له ,دخل الى اقصى الغرفة ,اتخذ زاوية امنة للنوم , والدتهم قامت بمحاولة اخيرة لأضاءة الغرفة الوحيدة التى تجتمع معهم , الفانوس يشتعل الآن ,حاجتهم اليه اكبر فى تلك اللحظة ,ريحا عاتية تطفئ الفانوس,
مرة اخرى يشتعل

ينطفئ
يشتعل
ينطفئ
يشتعل
يشطفئ...
اطلق الصبية ضحكاتهم,ضحكوا جميعا لهذا الموقف الطريف ,فقط والدهم هب مزعورا ,رفع الصبية واحد تلو آخر ,كمن فقد شئ ثميناً ,رفع جميع الملابس المُتحفة ,لم يجد ما يبحث عنه ,فى اخر الزاوية رأى طفلا ينام ,وتحته جلباباً ,قبل ان يدركه رأى التربيزة تتهاوى عليه,يسقط باكياً ,موجة اخرى من الضحك لمن يراقبهم ,لم يهتم الوالد به ,بل راح يهتم بما تحته ,جلباباً قديماً ..
سألته زوجته :- عن ماذا تبحث .؟؟؟
لم يجبها ...!!!
اسرع خارجا من غرفته ..
رأى فى آخر مد بصره شيئاً ابيضاً ...
جرى نحوه .........
عاصفة اخرى قوية تسابقه ...
ارتفعت على اثرها تلك القطعة البيضاء , جلبابه . جلبابه التى يبحث عنها
رأها ترتفع الى اعلى ....
الى اعلى ......
الى اعلى....
الى اعلى ..
لن يستطع ان يصل اليها ابداً
لقد فقد تلك الثروة
جنيهان
هى كل ما يملك
لغد
وبعد غد
ليته جلب بها ما يسد رمقهم
ولكنه سمع حديثا من احد اصدقائه ,ان حبوب منع الحمل سعرها جنيهان ,لا غير
شهور أُخرى
أعلنت فى فرحة
اضافة اخرى لعائلته
طفل سادس ....

العاقب مصباح

السبت، 8 يناير 2011

إمرأة من صمت القبور

ماذا تريد منى تلك المرأة .عمرها يقترب من الثمانون عاما او يزيد , سوداء كالليل .ترتدى خرقة بالية ,شعرها لا يغطيه غير بعض الشيب المتناثر , التجاعيد لم تترك  فيها اثر من شباب , وجهها يخلو من مسحة جمال, تنظر الى بعينين  لا تحملان غير الغموض ,احاول ان اعرف الغرض الذى من اجله تراقبنى كل هذا الوقت وفى الثانية صباحا.
   اقترب منها مسافة مترين  وجهها يختفى فى الظلام , احاول اللحاق بها ,ألهث ورائها, تتصاعد انفاسى , لا اقوى على المطاردة .
قلت لنفسى :- انتظرها غدا .
 الثانية صباحا كعادتها رمقتى بنصف نظرة ,عابسة هذه المرة, افزعتنى لحد الخوف  حاولت ان ألحق بها ثانية  تعثرت خطواتى وانا ألهث ناحيتها لم تقو نفسى على المطاردة نظرت الى وكالطيف اختفت ثانية ,  الغد افضل ستعود حتما .
 وفى نفس التوقيت الثانية صباحا دون تاخير  تعود من جديد أتتنى نظرت الى دون ان تعبس ودون ان تبتسم اقتربت منها هذه المرة على امل ان اعرف ماذا تخبئ لم تتراجع هذه المرة يا إلهى لماذا لم تختفى كعادتها تراجعت أنا هذه المرة لماذا اخاف منها هل هناك شئ يدعوننى الى الخوف من إمرأة  ؟ .  وبمثل هذا العمر ؟  إمراة لا تقوى حتى على الوقوف من الذى ارسلها الى بحق الجحيم  ؟ ماذا تريد ؟ كان على أن أسالها ولكن ربما تريد قتلى لم أعمل فى حياتى ما يستحق ان أُقتل لأجله , ثوبها الاسود لا يدعونى لأطمئن  لها , إنها امراة من صمت القبور !! هل تمردت على قبرها  هل إستغفلت حارسها لتاخذ جولة فى الحياة مرة اخرى ام هل رأت ان على ان آخذ مكانها حيث أتت  ؟ .
لم أعش بما يكفى لتاخذنى تلك الشمطاء  (هل تنعتنى بالشمطاء) ؟ !!  أتى صوتها للمرة الاولى على مسامعى .اصابنى الذهول قد سمعت بهذا الصوت من قبل!! ولكن أين ؟؟ أجابتنى بصوتها الرقيق :- فى القبور أفزعتنى بصوتها الذى يبدو فى العشرين من عمرها وهى امرأة الثمانون عاما او يزيد اتصبب عرقا جسدى لا يقوى على حملى , أنفاسى تتصاعد...احاول النظر اليها  لا استطيع عينى لا تقوى على الإلتفات ناحيتها مستجمعاً كل قوتى نظرت إليها , لم أرى  أى شئ ,   رجعت  القوة  إلى ,  تحركت   من سريرى حيث انام , بحثت عنها ولم اجدها تحسرت على الفرصة التى سنحت لى حين  اقتربت ولم تهرب كعادتها منى ,  نمت على أمل ان ترجع مرة اخرى غداً وفى الثانية صباحاً سوف اقترب منها هذه المرة وليكن ما يكون ليس لدى ما أخسره حتى ولو كانت حياتى ثمناً للحقيقة لقد عشت من حياتى ما يكفى لأموت فخوراً بها .
 الثانية صباحا !!   كما هو متوقع لم أنم ليلتها فى إنتظار تلك المرأة إمرأة من صمت القبور  , لم تأتى !!  آآآآآآآه   , شئ من الشوق إليها شوق لشئ لا اتمناه  ,  مر اليوم دون ان تأتى  عجوز  وشمطاء من اهل القبور كما سميتها  بينى  وبين  نفسى  , وقد سمعت بأسمها منى , غضبت عند سماعها لهذا الإسم الم يكن من الأفضل ان تأخذ اسماً يليق بشخص على قيد الحياة ؟؟  أتمنى أن أراها  وأعرف سرها ,  وبعدها فلتذهب إلى الجحيم بينى وبين نفسى  قلت ربما لم تستطع ان تستغفل حارسها هذه المرة  .
كانت الثانية الا دقيقة واحدة صباحا  من اليوم التالى لغيبتها عندما رأيت صورة سوداء لشئ ضخم يسير ناحيتى لم تكن تلك المرأة  لوحدها نسوة أُخر أتين معها يحملن شئ ما  , اشبه بالتابوت انتابنى خوف ما , إقتربت المرأة منى هذه المرة .
جلست عند رأسى لأول مرة تبتسم , والنسوة  يراقبنها من بعيد , مدت يدها ,  مست شعر رأسى , لأول مرة أراها بهذا الشكل  بشعة لحد الموت  .لها عينان يتقطران بعض الدم من احمرارهما  يداها كانا هيكل عظمى فقط , تلتحف ثوباً أسود  ثوب الحداد تلبسه امرأة ميتة !!  باقى جسدها نما بشكل طبيعى كصفة الاحياء تماماً , لا ترتدى حذاء  مسكت بيدها اليمنى جمجمة , بينما اليسرى فوق رأسى تماما  ارادت قلع رأسى تماما واستبداله بجمجمتها  !!! .
عرفت سرها تريد ان تكون جسدها من جديد  الم تجد رأسا غير رأسى لتأخذه  ؟؟  تبا لكل  جمجمة بلا حياة ,  كيف ابدو حينها وانا ارتديها مستبدلاً رأسى  .
لم تعطنى فرصة للتفكير فيما اكون بعدها انقضت على رأسى  هى ونسوتها , إكتشفت حينها انهن بلاء رؤوس مكتملة ولكن بأجساد  .
فى الثانية صباحا من الليل التالى وجدت نفسى أقف معهن  امام احد اصدقائى تتولى امرأة اخرى رأسه وانا اقف مختزلاً حياتى  ولكن بدون رأس ,  جمجمة فارغة ها قد اصبحت وانتظر ان تأتينى لحظة انقض فيها على رجل اخر وأصبحت رجلاً  من صمت القبور .

الاثنين، 3 يناير 2011

ظلى


أذكر فى إحدى النهارات الحارة أن كان معى يتجول مطرقاً رأسه لا يلوى على فراق , كنت متجولاً بالقرب من مركز تجارى أبحث عن ضالتى فى شراء بعض الألبسة لى , كان معى يحرك رأسه يمنة ويسرى كمن يتحسر على سوء حالى وعدم قدرتى على ذلك , لم أكن أشكو للناس ولكنه كان يعلم , الظل يتفهم أحياناً لغة الجسد . أستاء كثيراً حين أجده معى فى أمكنتى السرية للسرقة , أو لخدعة بعضهم , رغم مظهرى الجميل وبدلتى الأنيقة الوحيدة لم أكن أحمل فى جيبى غير بطاقة منتهية الصلاحية لإثبات هويتى فى حالة وفاتى , غير ذلك فهى ليست بذى فائدة . ولكن ظلى لا يحمل شيئاً غير أطرافى وبعض الحسرة يتأبطها رغماً عنى , لم أكن أحبه ولكنه ظلى على كل حال لذا لم يكن من خيار لفراقه . لظلى بعض الأفعال التى تضرنى , أذكر مرة ان كنت أمد يدى نحو إحدى الجيوب المنتفخة لشخص ساذج يلبس جلباباً شفافاً وتظهر من بين ملابسه كومة أوراق العملة , مددت يدى , ولكن ظلى تقدم نحوى ببضع خطوات , كان الوقت يتجاوز إنتصاف النهار بساعتين تقريباً لذا كان طوله أكبر منى , لذا لم تكن مساعدته لى على وجه أكمل رأى صاحب الجلباب الشفاف الظل يتقدم نحوه , فأمسك بيدى وفر ظلى هارباً كطفل من عقاب ووحيداً جداً تم فضحى , بدون ظلى , تعرضت للضرب منه ولم أفق إلا مساء وحين نظرت لظلى لم أجده الظل يهرب من الظلمة أيضاً وكأنه خفاش يبحث عن حياة الليل وحده . عقدت العزم على فعل شئ أبعد به ظلى عنى , ولكن كيف ؟ هل أتجول ليلاً عندما يغيب ؟ إنها فكرة صائبة , منذ اليوم لن أخرج فى الشمس , ستكون يا ظلى مترقباً خروجى , ستكون عند باب حجرتى ولن أخرج إليك , سأجعلك تعانى من الوحدة , ستقضى أياماً وشهوراً وسنيناً , ولا شك سيُصيبك الضجر من إنتظارى كما أصابنى اليأس من وجودك معى , منذ اليوم سأعيش بلا ظل , نعم بلا ظل حتى لو لم أخرج من بيتى نهاراً طيلة عمر . كنت أراقبه من بين النافذة , كان يجلس وحيداً يحاول تارة أن ينظر من بين فتحات الباب وحين يجدنى نائماً يأخذ نفساً عميقاً ثم يعود لجلسته المعتادة ملتصقاً بالحائط . فرحت كثيراً فى يومى الأول إذ لم يكن ثمة ظل معى , كنت وحيداً مددت يدى لأتأكد من عدم وجوده معى , لم أراه , رجلى مددتها ولم أراه , وقفت ولم أراه , يا لجمال الحرية , أن تكون لوحدك , تفعل ما تشاء لوحدك , أجمل الحياة تلك التى بلا ظل , بلا ظل يحاصرك . فكرت فى تدخين سيجارة , جلست بجوار النافذة , كان الدخان يهرب للخارج , راقبت دخان سيجارتى , لعل ظلى يهرب معه , ها هو يتحرك , إنه الظل , ولكن ليس ظلى , للدخان أيضاً ظل ,ظلى لم يتحرك ولم أراه , على الأقل سيكون فى قيلولة من أثر الليل الفائت . خرجت مساء , وحدى خرجت , بعد أن تأكدت من أن الوقت قد حان له ليسافر بعيداً عنى , لا شك أنه سافر لدولة أخرى لم تكن الشمس فيها غائبة , سمعت من (ظلى ما ) أن الظل يسافر أيضاً , وله جوازات سفر , وتأشيرات , وعمالة وافدة , وقوانين هجرة , ورقيق أبيض , وسخرة , وظلم وفى بعض الأحايين لديهم سفارات .يبدو أن الهجرة ليست فقط حكراً علينا , قالت لى ((ظلية)) يوما ما أنها حين أرادت السفر طلبوا منها محرم , ولما لم تكن متزوجة فقد كتبت على ظهر جوازها إسم بشر , متزوجة من بشر , وسافرت كما ينبغى لها , كانت صاحبة الجسد الظلى تطل بين فينة وأخرى على دارى , يبدو أن لظلها قصة غرامية مع ظلى . آه سأخرج بيقين يا ظلى , ولن يُقبض على مرة أخرى بسبب أن يدك أمتدت قبل يدى لتخبره بأمرى , وسأدخلها فى جيب أحدهم وستخرج بيضاء من غير سوء , وجدت الحافلة مكتظة بالبشر , وهذا هو الوقت المناسب لعملى , وفى زحمة من البشر الطبيعين أدخلت يدى مرات عدة , ولم أجد سوى بعض العملات الصغيرة , يبدو أنها قادمة من إحدى الأحياء الفقيرة وإلا لم تكن جيوبهم فارغة على هذا النحو , ليست مشكلة , الأيام قادمات لأكون بلا ظل ولأكون فى ثراء من الجيوب الممتلئة بالأوراق النقدية , نظرت فى مقدمة الحافلة , رأيت كرسياً فارغاً , وحين أقتربت كان يجلس به ظل ما , بسرعة طلبت من سائق الحافلة أن أنزل , بسرعة قصوى , كان تصرفى جنونياً بعض الشئ ,خوف أن يكون ظلى ويدلهم على مهنتى , ولكن نزولى المفاجئ كان دليلاً آخر , أحدهم طلب من السائق عدم الوقوف حتى يتفقد كل منهم محفظته , وحين لم يجد الشخص الذى سرقته محفظته أمسكونى من يدى وفتشوا جيبوبى ووجدوا محفظته عندى , تم ضربى كثيراً هذه المرة , ولكنهم كانوا أكثر رأفة حين لم يسلمونى للشرطة , نزلت فى مكان نائى , وهممت بالرجوع لبيتى يبدو أن الأمور لم تسر بخير , وأن جسدى لم يعد مهيأً لتقبل ضربات أخرى ولكمات , وظل يجلس بجوار سائق فى مقعد فارغ . فى أثناء سيرى نحو منزلى سمعت صرخات ضحك متتالية , إنهم يسخرون منا , يسخرون منا نحن البشر , كانت معهم نسوة , وضحكاتهن ماجنة , قررت أن أقترب منهم , ولكن وجدت ما لم أحبذه , إنهم الظليون , ولم تكن تلك الضحكات سوى لزوجاتهم , الظليات . كُن جميلات بتناسق أجسامهن الظلية , إختفيت من النور الذى يعم المكان وراء إحدى الجدر خوف أن يكون ظلى معهم , كانوا يلعبون ويحكون نودارنا نحن البشر , قال لهم كبيرهم الذى علمهم الظل :- قريباً جداً سنحكم البشر , وسيكونون تابعين لنا نحن , آن أوان التحرر وسنُنشئ دولة ظليان , ألا نستطيع . سمتعهم يرددون خلفه :- نعم نستطيع , نعم نستطيع , نعم نستطيع . وقال لهم بعض ان صمتوا :- البعض منا يعانى , من كثرة تعذيب البشر لنا , من هجرنا , بعضهم أصبح لا يتحرك إلا فى الظلام , ولا وجود لنا نحن فى ظلام , ليت الشمس مشرقة على الدوام . ظل صغير يبدو أنه فى العشرينيات من عمره, كانت يده مبتورة , لذا لم يكن يشارك برفع يده حين كانوا يهتفون, قال لهم رئيسهم فى آخر الأمر :- سنقتل كل (بشرى) يعامل ظله بقسوة سنرديه قتيلاً إن تجرأ وعاش بلا ظل , الناس يعرفون أن لا بيت لنا , لذا من لم يدعنا ندخل إلى بيته سيكون مصيره مشؤوماً, علا الهتاف , وزغاريد الظليات , إنفض سامرهم , وذهبت كل ظلية مع ظل لمآواهما , حين إنطفأ النور , وذهبت انا مواصلاً سيرى المخيف . تُرى هل سيقتلوننى ؟؟ ماذا فعلت حتى يفعلوا بى ذلك , ظلى معى مُذ ولدت , ألا يتركون لى حرية أن أكون لوحدى بقية عمرى , أتمنى أن يختفى منى نهاراً واحداً , لدى خصوصيتى التى لم يحترمها ظلى , أحتاج للتأمل , للتفكر , وللتدبر , وكل هذا لا يكون وظلى معى , ولكنهم سيقتلونى على كل حال , يبدو أن لا خيار لدى , لابد من تقبل الأمر , وليس هذا فقط بل لابد من أن يكون صديقى المقرب حتى يحمينى منهم , الظليون قاتلون . حين وصلت لبيتى حاولت إشعال الفانوس فى وسط الغرفة , ولكنه لم يُضئ , أُريد أن أضيئه بأى حال حتى أتأكد من أن ظلى معى ولم يهرب منى , أحتاجك فى هذه اللحظة يا ظلى , عد لى يا ظلى , أشرقى يا شمس حتى أراه , فى شوق لا يوصف لك يا ظلى العزيز , وحين باءت محاولتى بالفشل نمت وحدى , بلا ظل , وبمخاوف فقط . فى كل مرة أرفع رأسى رجاء أن يكون الوقت صباحاً ولرؤية ظلى , وفى كل مرة أجد أن الليل هو ما يستمر معانداً لى رغبتى فى رؤية ظلى , بعدها خلدت لنوم عميق , صحوت ونظرت لساعتى كانت تقترب من العاشرة , إبتسمت لأن الشمس ستكون فى مكان أنيق لرؤية ظلى , تثاءبت وخرجت ناحية الباب , ولكن ,, كانت الشمس فى غياب فى هذا اليوم , سُحب كثيفة تُغطى السماء , حجبتها عنى ,, لما كل هذا أيتها السحب , أفى هذا اليوم يحدث كل هذا , لم يكن هذا هو فصل المطر عندنا , تبقت ثلاثة أشهر حتى تهطلين , لما كل هذا ؟؟ وانا أرجع مرة أخرى صوب الباب أردت التأكد من أن السحب متحركة حتى أعود مرة أخرى , لمعانقة ظلى , وحين نظرت عرفت ما يحصل , لم تكن تلك سحب , على الإطلاق , كانت تجمعات ظل , يبدو أنها تمردت , وصعدت نحو السماء لتحجب الشمس عنا , لتتركنا بلا ظل , كاد قلبى أن يصٌعد نحو السحب الظلية , كاد أن يتحول لسحابة معهم , كنت أرتجف , ويداى ترتجفان ولكن بلا ظل . دخلت لحجرتى ووجدت حركة دائبة فيها , بعض نسوة الظل هنا يرتبنها بعناية فائقة , ويطلقن البخور , كُن يشتغلن بحركة ونشاط لم أعهدها فينا نحن البشر , وحين حاولت أن أبتسم شاكراً لهن زجرتنى إحداهن وطلبت منى أن أغادر حالاً , ظلى سيأخذ مكانى , يجب على أن أبحث عن مكان ما لنفسى , إنه سيتزوج اليوم ظل أنثى أتيت بها يوماً سراً إلى هنا , ألا تذكرها , كانت رشيقة تتمخطر فى خيلاء , أعجب بها ظلك , وسيتزوجها , لذا أبحث عن مكان آخر , هذه الأمكنة للظليان , أهرب حالاً , وهربت وتركت لظلى بعض الخصوصية , تلك التى كنت أبحث عنها حين تركته , وها هو يحصل عليها فقط حين تركته انا . وخرجت منكفئاً على نفسى , تطاردنى لعنات تضجرى من ظل , وخرجت لأول يوم فى عمرى بلا ظل حين نهار.


إحتراماتى وبشدة