السبت، 8 يناير 2011

إمرأة من صمت القبور

ماذا تريد منى تلك المرأة .عمرها يقترب من الثمانون عاما او يزيد , سوداء كالليل .ترتدى خرقة بالية ,شعرها لا يغطيه غير بعض الشيب المتناثر , التجاعيد لم تترك  فيها اثر من شباب , وجهها يخلو من مسحة جمال, تنظر الى بعينين  لا تحملان غير الغموض ,احاول ان اعرف الغرض الذى من اجله تراقبنى كل هذا الوقت وفى الثانية صباحا.
   اقترب منها مسافة مترين  وجهها يختفى فى الظلام , احاول اللحاق بها ,ألهث ورائها, تتصاعد انفاسى , لا اقوى على المطاردة .
قلت لنفسى :- انتظرها غدا .
 الثانية صباحا كعادتها رمقتى بنصف نظرة ,عابسة هذه المرة, افزعتنى لحد الخوف  حاولت ان ألحق بها ثانية  تعثرت خطواتى وانا ألهث ناحيتها لم تقو نفسى على المطاردة نظرت الى وكالطيف اختفت ثانية ,  الغد افضل ستعود حتما .
 وفى نفس التوقيت الثانية صباحا دون تاخير  تعود من جديد أتتنى نظرت الى دون ان تعبس ودون ان تبتسم اقتربت منها هذه المرة على امل ان اعرف ماذا تخبئ لم تتراجع هذه المرة يا إلهى لماذا لم تختفى كعادتها تراجعت أنا هذه المرة لماذا اخاف منها هل هناك شئ يدعوننى الى الخوف من إمرأة  ؟ .  وبمثل هذا العمر ؟  إمراة لا تقوى حتى على الوقوف من الذى ارسلها الى بحق الجحيم  ؟ ماذا تريد ؟ كان على أن أسالها ولكن ربما تريد قتلى لم أعمل فى حياتى ما يستحق ان أُقتل لأجله , ثوبها الاسود لا يدعونى لأطمئن  لها , إنها امراة من صمت القبور !! هل تمردت على قبرها  هل إستغفلت حارسها لتاخذ جولة فى الحياة مرة اخرى ام هل رأت ان على ان آخذ مكانها حيث أتت  ؟ .
لم أعش بما يكفى لتاخذنى تلك الشمطاء  (هل تنعتنى بالشمطاء) ؟ !!  أتى صوتها للمرة الاولى على مسامعى .اصابنى الذهول قد سمعت بهذا الصوت من قبل!! ولكن أين ؟؟ أجابتنى بصوتها الرقيق :- فى القبور أفزعتنى بصوتها الذى يبدو فى العشرين من عمرها وهى امرأة الثمانون عاما او يزيد اتصبب عرقا جسدى لا يقوى على حملى , أنفاسى تتصاعد...احاول النظر اليها  لا استطيع عينى لا تقوى على الإلتفات ناحيتها مستجمعاً كل قوتى نظرت إليها , لم أرى  أى شئ ,   رجعت  القوة  إلى ,  تحركت   من سريرى حيث انام , بحثت عنها ولم اجدها تحسرت على الفرصة التى سنحت لى حين  اقتربت ولم تهرب كعادتها منى ,  نمت على أمل ان ترجع مرة اخرى غداً وفى الثانية صباحاً سوف اقترب منها هذه المرة وليكن ما يكون ليس لدى ما أخسره حتى ولو كانت حياتى ثمناً للحقيقة لقد عشت من حياتى ما يكفى لأموت فخوراً بها .
 الثانية صباحا !!   كما هو متوقع لم أنم ليلتها فى إنتظار تلك المرأة إمرأة من صمت القبور  , لم تأتى !!  آآآآآآآه   , شئ من الشوق إليها شوق لشئ لا اتمناه  ,  مر اليوم دون ان تأتى  عجوز  وشمطاء من اهل القبور كما سميتها  بينى  وبين  نفسى  , وقد سمعت بأسمها منى , غضبت عند سماعها لهذا الإسم الم يكن من الأفضل ان تأخذ اسماً يليق بشخص على قيد الحياة ؟؟  أتمنى أن أراها  وأعرف سرها ,  وبعدها فلتذهب إلى الجحيم بينى وبين نفسى  قلت ربما لم تستطع ان تستغفل حارسها هذه المرة  .
كانت الثانية الا دقيقة واحدة صباحا  من اليوم التالى لغيبتها عندما رأيت صورة سوداء لشئ ضخم يسير ناحيتى لم تكن تلك المرأة  لوحدها نسوة أُخر أتين معها يحملن شئ ما  , اشبه بالتابوت انتابنى خوف ما , إقتربت المرأة منى هذه المرة .
جلست عند رأسى لأول مرة تبتسم , والنسوة  يراقبنها من بعيد , مدت يدها ,  مست شعر رأسى , لأول مرة أراها بهذا الشكل  بشعة لحد الموت  .لها عينان يتقطران بعض الدم من احمرارهما  يداها كانا هيكل عظمى فقط , تلتحف ثوباً أسود  ثوب الحداد تلبسه امرأة ميتة !!  باقى جسدها نما بشكل طبيعى كصفة الاحياء تماماً , لا ترتدى حذاء  مسكت بيدها اليمنى جمجمة , بينما اليسرى فوق رأسى تماما  ارادت قلع رأسى تماما واستبداله بجمجمتها  !!! .
عرفت سرها تريد ان تكون جسدها من جديد  الم تجد رأسا غير رأسى لتأخذه  ؟؟  تبا لكل  جمجمة بلا حياة ,  كيف ابدو حينها وانا ارتديها مستبدلاً رأسى  .
لم تعطنى فرصة للتفكير فيما اكون بعدها انقضت على رأسى  هى ونسوتها , إكتشفت حينها انهن بلاء رؤوس مكتملة ولكن بأجساد  .
فى الثانية صباحا من الليل التالى وجدت نفسى أقف معهن  امام احد اصدقائى تتولى امرأة اخرى رأسه وانا اقف مختزلاً حياتى  ولكن بدون رأس ,  جمجمة فارغة ها قد اصبحت وانتظر ان تأتينى لحظة انقض فيها على رجل اخر وأصبحت رجلاً  من صمت القبور .

ليست هناك تعليقات: