الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

لوحة مائلة قليلاً لجهة اليمين



  
:-   لمن هذه الصورة التى فى الجدار ؟   
:-  إنها صورة خاصة بالنسبة لى , تعنى لى الكثير , منذ عشر سنوات وهى ملتصقة هكذا بالجدار , هو       بنفسه من قام بوضعها هكذا . 
:-  ولكنها مائلة قليلاً ناحية اليمين يبدو وكأنها ستقع عما قريب .
:-  لا لن تقع , هو من أرادها هكذا ,ههههههه حتى إننى قد أشرت له لملاحظتك هذه لكنه أكتفى بإبتسامة     فقط وتركها بعد أن نظر إليها ملياً  وودعنى .
 :- هل حاولتى خلال هذه المدة أن تقومى بتعديل وضعها حتى لا تبدو بهذا الشكل ؟
:-  لا , مؤمنة تماماً بانها يمكن ان تظل لسنوات أخرى إضافية دون أن يحدث لها مكروه .
:-  حسناً لا بأس , قولى لى , هل عشتى طول هذه السنوات فى هذه الغرفة الجميلة  لوحدك دون أن           يشاركك أحد فيها ؟    
:-  بالتأكيد لا , الصورة التى فى الجدار تشاركنى كل شئ , مأكلى ومشربى , والحمام وحتى سرير النوم .  
:-  ماذا ؟ هل جننتى ؟
:-  مهلاً مهلاً يا صديقى , انا فى كامل قواى العقلية , دعك منها وحدثنى عنك , لا تدع الصورة تأخذ منا      كل   الوقت , أعرف كم أنت مشغول بمواعيد  مسبقة , هل سبق وأن ............ ؟
:-  هه هه هه هه , حياتى كلها مكرسة للعمل , لم أجد وقتاً للحديث مع فتاة , تعرفين إفتتانى بوظيفتى         وبتأدية عملى .
:-  وأنتى ألم يحن الوقت لتدخلى فى علاقة مع أحدهم ؟
:-  لا لم يحن ولا أظنه سيأتى ذلك الوقت , الرجل الذى فى الجدار يمثل لى كل شئ , صديقى وحبيبى          وزوجى وكل شئ  .
 :- غريبة , لم أسمع به من قبل ولم أسمع بأن لك علاقة ما بأى شخص .
 :-  لا أحد يعرف شيئاً حول هذا الموضوع , انا فقط .
 :-  وأين هو الأن ؟
:-  إنه فى الجدار , أنظر ملياً سترى كل شئ , ملامحه الهادئة , صوته الخافت , عطره , عيونه الزرق ,     شعره الناعم , صدره العريض , جسده الرياضى , كل شئ .
 :- يلتفت الرجل حوله , يبحث عن صورة أخرى علها تعيد له عقله الذى أختفى للحظة , لم يجد أى           صورة   أخرى غير التى أمامه .    
  كانت الصورة التى فى الجدار كما يراها هو عبارة عن لوحة سوداء , فقط سوداء , لم يكن فيها أى شئ   آخر , فى أعلاها ضوء خافت , لم يكن ليبين منها أى شئ ,
  أصاب الرجل فى تلك اللحظات بعض التعرق , بدأ جسده ينهار , أصيب بالبرد , حاول إنهاء تلك اللحظة   بان يلامس تلك اللوحة ولكن يد الفتاة أمتدت إليه وأوقفته فى مكانه قائلة :-   
  طوال عشر سنوات لم يقترب منها أحد , ولا حتى أنا , لذا دع الأمر يمر بسلام وأخرج سريعاً قبل أن      يحدث لك مكروه . 
  أخذ الرجل الأربعينى ذو الشعر الأبيض والهيئة الضعيفة ونظارته السميكة بعض تساؤلاته وخرج          مسرعاً وكأن الريح هى من أخذته لا رجليه النحيفتين . 
وقبل أن يبتعد بمئة متر عن منزلها راودتها فكرة ما , قرر أن يعرف اللوحة تلك , وماذا تخبئ , ولكن كيف ؟  لابد أن يقوم بعمل ما , أن يذهب للبيت من الخلف , وأن يحاول معرفة أثر تلك الصورة من الخلف , الصورة التى فى الجدار , تلك الظلمة , أخذ نظرة سريعة وراءه ليتأكد أن الفتاة لا تلاحقه , نعم تأكد الأن , إنها لا تلاحقه  , ذهب بسرعة ومعه مخاوفه , سريعاً جداً من الناحية الأخرى للمنزل , حيث لا يمكن لها أن تلاحظه , وحيث يرى الصورة من خلفها , صورة لم يعرف عنها شيئاً , الصورة المائلة فى الجدار .
كان الجوء هادئاً بحيث أن سقوط أى شئ  أو إرتطامه بأى شئ سيحدث دوياً هائلاً , لابد له أن يتحسس خطواته بهدوء , رويداً رويداً يحاول الوصول , وها هو على بعد متر واحد فقط , يرى فتحة فى الجدار من الخلف فتحة بمقدار مساحة لوضع لوحة , يتحسس من وراءه , لا أحد يراقبه , يبدو فى هذه الوضعية كلص يحاول معرفة من بالداخل , لا أحد وراءه , ولا أحد يراقبه , ولا حتى الأنثى بالداخل ستعرف عنه شئ  , ها هو الأن يرفع رأسه شيئاً فشيئاً , يراها هى مستلقية فى سريرها , لا أثر للوحة , ها هى مجرد فتحة سوداء , كانت تفتح للخارج , أظنها كانت للهواء فقط , سأرفع رأسى قليلاً , , أكثر,  أكثر,  أكثر , ها أنا الأن أنتصف الفتحة التى بالجدار مائلاً قليلأ ناحية اليمين  .
وفجاًة تلتفت ناحيته تلك الفتاة , تلتفت وفى فهمها إبتسامة النصر , أخيراً تحقق حلمها , ها هى لوحتها تكتمل , منذ عشر سنوات كانت تنتظر تلك اللحظة , منذ أن قامت بصنع تلك الكوة فى الجدار , الكوة التى تميل قليلاً ناحية اليمين .كما فعل هو , تماماً نظر الرجل لبرهة إلى ملامحه , ظهر كما أن جدسه قد أصبح رياضياً فجأة وعينيه زرقاوان , وشعره أبيض , وصدره عريض , دون أن يرى بقية تفاصيل جسده , لقد أصبح الآن لوحه , لوحة مائلة قليلأ ناحية اليمين .

ليست هناك تعليقات: