:- لمن هذه الصورة التى فى الجدار ؟
:- إنها صورة خاصة بالنسبة لى , تعنى لى الكثير , منذ عشر سنوات وهى ملتصقة هكذا بالجدار , هو بنفسه من قام بوضعها هكذا .
:- ولكنها مائلة قليلاً ناحية اليمين يبدو وكأنها ستقع عما قريب .
:- لا لن تقع , هو من أرادها هكذا ,ههههههه حتى إننى قد أشرت له لملاحظتك هذه لكنه أكتفى بإبتسامة فقط وتركها بعد أن نظر إليها ملياً وودعنى .
:- هل حاولتى خلال هذه المدة أن تقومى بتعديل وضعها حتى لا تبدو بهذا الشكل ؟
:- لا , مؤمنة تماماً بانها يمكن ان تظل لسنوات أخرى إضافية دون أن يحدث لها مكروه .
:- حسناً لا بأس , قولى لى , هل عشتى طول هذه السنوات فى هذه الغرفة الجميلة لوحدك دون أن يشاركك أحد فيها ؟
:- بالتأكيد لا , الصورة التى فى الجدار تشاركنى كل شئ , مأكلى ومشربى , والحمام وحتى سرير النوم .
:- ماذا ؟ هل جننتى ؟
:- مهلاً مهلاً يا صديقى , انا فى كامل قواى العقلية , دعك منها وحدثنى عنك , لا تدع الصورة تأخذ منا كل الوقت , أعرف كم أنت مشغول بمواعيد مسبقة , هل سبق وأن ............ ؟
:- هه هه هه هه , حياتى كلها مكرسة للعمل , لم أجد وقتاً للحديث مع فتاة , تعرفين إفتتانى بوظيفتى وبتأدية عملى .
:- وأنتى ألم يحن الوقت لتدخلى فى علاقة مع أحدهم ؟
:- لا لم يحن ولا أظنه سيأتى ذلك الوقت , الرجل الذى فى الجدار يمثل لى كل شئ , صديقى وحبيبى وزوجى وكل شئ .
:- غريبة , لم أسمع به من قبل ولم أسمع بأن لك علاقة ما بأى شخص .
:- لا أحد يعرف شيئاً حول هذا الموضوع , انا فقط .
:- وأين هو الأن ؟
:- إنه فى الجدار , أنظر ملياً سترى كل شئ , ملامحه الهادئة , صوته الخافت , عطره , عيونه الزرق , شعره الناعم , صدره العريض , جسده الرياضى , كل شئ .
:- يلتفت الرجل حوله , يبحث عن صورة أخرى علها تعيد له عقله الذى أختفى للحظة , لم يجد أى صورة أخرى غير التى أمامه .
كانت الصورة التى فى الجدار كما يراها هو عبارة عن لوحة سوداء , فقط سوداء , لم يكن فيها أى شئ آخر , فى أعلاها ضوء خافت , لم يكن ليبين منها أى شئ ,
أصاب الرجل فى تلك اللحظات بعض التعرق , بدأ جسده ينهار , أصيب بالبرد , حاول إنهاء تلك اللحظة بان يلامس تلك اللوحة ولكن يد الفتاة أمتدت إليه وأوقفته فى مكانه قائلة :-
طوال عشر سنوات لم يقترب منها أحد , ولا حتى أنا , لذا دع الأمر يمر بسلام وأخرج سريعاً قبل أن يحدث لك مكروه .
أخذ الرجل الأربعينى ذو الشعر الأبيض والهيئة الضعيفة ونظارته السميكة بعض تساؤلاته وخرج مسرعاً وكأن الريح هى من أخذته لا رجليه النحيفتين .
وقبل أن يبتعد بمئة متر عن منزلها راودتها فكرة ما , قرر أن يعرف اللوحة تلك , وماذا تخبئ , ولكن كيف ؟ لابد أن يقوم بعمل ما , أن يذهب للبيت من الخلف , وأن يحاول معرفة أثر تلك الصورة من الخلف , الصورة التى فى الجدار , تلك الظلمة , أخذ نظرة سريعة وراءه ليتأكد أن الفتاة لا تلاحقه , نعم تأكد الأن , إنها لا تلاحقه , ذهب بسرعة ومعه مخاوفه , سريعاً جداً من الناحية الأخرى للمنزل , حيث لا يمكن لها أن تلاحظه , وحيث يرى الصورة من خلفها , صورة لم يعرف عنها شيئاً , الصورة المائلة فى الجدار .
كان الجوء هادئاً بحيث أن سقوط أى شئ أو إرتطامه بأى شئ سيحدث دوياً هائلاً , لابد له أن يتحسس خطواته بهدوء , رويداً رويداً يحاول الوصول , وها هو على بعد متر واحد فقط , يرى فتحة فى الجدار من الخلف فتحة بمقدار مساحة لوضع لوحة , يتحسس من وراءه , لا أحد يراقبه , يبدو فى هذه الوضعية كلص يحاول معرفة من بالداخل , لا أحد وراءه , ولا أحد يراقبه , ولا حتى الأنثى بالداخل ستعرف عنه شئ , ها هو الأن يرفع رأسه شيئاً فشيئاً , يراها هى مستلقية فى سريرها , لا أثر للوحة , ها هى مجرد فتحة سوداء , كانت تفتح للخارج , أظنها كانت للهواء فقط , سأرفع رأسى قليلاً , , أكثر, أكثر, أكثر , ها أنا الأن أنتصف الفتحة التى بالجدار مائلاً قليلأ ناحية اليمين .
وفجاًة تلتفت ناحيته تلك الفتاة , تلتفت وفى فهمها إبتسامة النصر , أخيراً تحقق حلمها , ها هى لوحتها تكتمل , منذ عشر سنوات كانت تنتظر تلك اللحظة , منذ أن قامت بصنع تلك الكوة فى الجدار , الكوة التى تميل قليلاً ناحية اليمين .كما فعل هو , تماماً نظر الرجل لبرهة إلى ملامحه , ظهر كما أن جدسه قد أصبح رياضياً فجأة وعينيه زرقاوان , وشعره أبيض , وصدره عريض , دون أن يرى بقية تفاصيل جسده , لقد أصبح الآن لوحه , لوحة مائلة قليلأ ناحية اليمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق