السبت، 30 يناير 2010

أُنثى..... فكرة





العاقب مصباح – دينا رمضان





جلست بجانبى بلا ميعاد مسبق وكنت أهم بالكتابة ...تركت مساحة لا تتعدى أوراقى الجرداء بينى وبينها ...أواااااه... ماذا أصابنى؟؟!! لا يُعقل أن أكون لازلت أضرب الأرض بقدمى وإلى جوارى هذه الدوحة المتدفقة من الجمال الساحر. فقد يخر الجميع صريع هواها لو تجود عليهم الزمن ونفحهم نظرة من عينيها الكحيلتين... القاتلتين.. تلك الفاتنة ذات الشعر الطويل الكالح والقامة الفارعة البان.

لا أدرى كيف أصبت بتلك الرجفة... وكأنه مسنى صعق كهربائى. حين رمتنى بتلك النظرة القاتلة... مع سبق الإصرار والترصد. كادت الأرض لا تحملنى وهى تدور بى فى فلك جارف.
آه من تلك العيون الشقية... فبعض العيون يجلبن سحراً.. وخبلاً. سحرتنى هى بعينيها فلم أعد أقوى على الوقوف... خوف الترنح والإنهيار.... فتفتضحنى هاتين العينين. هممت بها ولم تهم هى بى. يبدو أنها أتت فقط لتصب فينى سحرها وترحل. لا أن تقد قميصى من دبر.
و على عجل نظرت المكان من حولى يمنة ويسرى علٌى أجدنى وحدى فأستحوذ على جُل إهتمامها. إلا أن نظرتى إرتدت خالية الوفاض... خائبة الرجاء.فقد كان (المقهى) مزدحماً بغيرى وغيرها ..
تنهدت هى ... فشعرت وكأنها إرتفعت بقامتها بوصات أُخر. أواه ما أشقانى فقد بعثت فى تلك التنهيدة روحاً... وحياً... إلهاماً... وأبقتنى هائماً معلقاً فى فضاءات سرمدية بين الحياة والموت ...
حين شعرت بالإطمئنان النسبى... أخذت أتلفت من حولى مستكشفاً مجدداً. ففطنت إلى طاولة فارغة بجوارى!!
فلما لم تجلس فيها إذن
هل أتت تقصدنى؟؟ أم أنها أتت لإغوائى وتراودنى عن نفسى!!
إنها إلى الآن لم تتحرك ببنت شفة... سوى بتنهيدتها الحرى... التى ذوبت كيانى.
هل ألوح لها بيدى إذن؟؟؟
لا أدرى كيف تسمرت يدى الأن... وهى تقبع رابضة مرتعشة على الطاولة.
رمقتنى بنظرتها القاتلة ثانية وابتسمت فى وجهى نظرت بإنشداه محملق... للوراء. فلم أرَ سوى حائط بطلاء بنى باهت يطالعنى بشماتة هازئة. تمنيت لحظتها أن تكون إبتسامتها لغيرى فتهت فى حيرتى... وفيها هى من جديد ...
عدت ونظرت متلصصاً لتفاصيل وهجها الساحر... وطلتها البهية. فكدت أتعثر قبل أن يرتد إلى طرفى. من هول ما رأيت. تناوشنى سهامها المتربصة وهى تجلس بخفر صامت .. تربكنى هذه الأنثى... وتعبث بكيانى. ماذا تُرانى أفعل؟؟ أأحادثها انا ..؟؟أأبادرها بالكلام؟؟ ... وماذا أقول ولسانى ساكن إلى رعشات قلبى الخافقة... ومايكون رد فعلها حينها؟؟ هل ستزدرينى.... ستصفعنى... ستترك الطاولة... وتهاجر عن قلبى بعيداً؟!
ربما هى فى إنتظار شخص ما قد يكون زوجها مثلاً ... تراها متزوجة فعلاً؟؟؟ لا أرى أثراً لتخضب بنانها أو محبساً... يحبسنى فى دائرة الحسرة.
وما على أنا بها؟؟!! سواء أكانت متزوجة أم لا. هى ليست سوى مترجلة أتت لتستريح وتحتمى من لسعات شمس الظهيرة وحرها
عضت على شفتيها فى رفق فخفت على أحمر الشفاه من الذوبان... كحالى أنا فيها. ونظرت إليها بإرتباك مختلس فوجدتها أروع من ذي قبل ... لم تزد إلآ وهجاً على وهجها ... إيناعاً وإيراقاً
راودتني نفسي قائلة :- حدثها ولا تتخاذل هي فرصة أتتك في طبق من ذهب ولا تتأتى إليك الفرص كثيراً... على رصيف حظك العاثر... فاليوم نجم سعدك يناديك..فلا تنكص على عقبيك وتغلب على مخاوفك ..
لكن ما حيالى أن أفعل وعيناها تهزمني كلما تجاسرت ورفعت إليها بصري.. أدرك مصير نصيبي دوماً في جولاتي مع من هن أقل حُسناً وشأناً منها ... فكيف سيكون حالي معها هذه الأنثى الجبروت الطاغية
ها هي ترفع خمارها على رأسها فتغطي جزء من شعرها وتترك الباقي... يحكي عن قصص ألف ليلة وليلة.... عن الأميرة الحسناء والأقزام السبعة.... وكل الأساطير والحكايا التي سمعناها صغاراً ذات مساء.
تراها دعوة مواربة لي حتى ألامس شعرها الناعم ..أشم عطره ...أسكر.. فأذوب فى ثناياه وثنياته المرتبة بعناية.
أغمضت عيناها لثواني ...وجدتها فرصة لأستجمع قواي الخائرة وأكمل فيها دهشتي ... فعدت أطالعها بجرأة أكبر... وكأنني فنان تشكيلي يمرر أصابعه على تحفته الفنية... في لمساته النهائية ... نظرت إلى هذا التمثال العاجي الناصب أمامي بفتون أكثر من مرة. تطلعتها من أعلى إلى أسفل ... وأنا أمرر عيناي الواجفة بإسراع جيئة وذهاباً... راجياً الثواني أن تغلق عينيها عني كذلك وتطول.. وبنشوى حالمة أغمضت عيني عنها لأذوب في ثنايا جسدها العاجي ..ورحت أخالها بملء حواسي لو أنها وقفت بقامتها الفارعة ...أوإستدارات كما لو أنها عارضة أزياء تحترف هذه الإلتفاتات.
وأنا جاثي أمامها أطلب إليها التمهل حتى لا تقتلني إحدى لفتاتها المتثنية والمتدفقة عذوبة
نيران إنطلقت في جسدي لاهمة إياه بلا رحمة ...لم يعد هنالك من يستطع إيقافها.... وأنا لازلت مغمضاً جفني بهذا الطوفان الحالم
وقفت هي... تقدمت... فأجفلت أنا وقلبي يدق بطبول الحرب والفرح معاً.. وعلامات تعجبي تنوء بي حملاً ثقيلاً.. فكيف لها أن طاوعتني ونفذت فكرتي دون أترجم لها ما يدور بخلدي ... أُتراها إخترقته؟؟!
إبتسمت في وجهي... وإقتربت مني حتى كادت أن تلامسني ... وهمست إلى بغنج: أجل أستطيع أن أسمع خيالاتك... وأخترق أفكارك.
وإنطلقت بضحكة مجلجلة في الفضاء.
ما عدت أستطيع أن أقوى على مجاراتها... وأنا أشعر بالإختناق... وبحبيبات العرق التي تنزلق على وجهي تكاد تغرقني... في بحيرة حيرتي الفاضحة.
تباً لهذه الأنثى الصارخة من أين أتت؟؟؟ ومن أين لها أن تقرأ أفكاري؟؟؟ وتراود مخيلتي؟؟؟ هل ألملم عنها دفاتري... وأولي منها فرارا؟.ً. يستحيل أن يكون هذا الكائن الكامن بشر.
وبرغمى... لم يعد قلبي يطاوعني... يود أن يترجل عني... ويبقى... قابعاً... منشدهاً... فاغراً فاه... أمامها
أطالعها الآن بتوجس مضطرب... وتناوشني مشاعر عدة... تحمل جُل متناقضاتها في آن.... قامت من كرسيها وإقتربت مني أكثر
وأنا في لهاثي المضطرب... في عدائه المزمن مع دقات قلبي الواجفي
دنت من وجهي... أنفاسها... تلهب أنفاسي
أشعر بأنني أذوب... أنصهر... أتلاشى... ولا زالت هي تقترب بغنجها السافر.
الآن... لامستني... عصفتني... إخترقتني.... نفذت إلى مخيلتي.. توسدت لبي.... حينما تحولت تلك الثورة الأنثى... إلى سحابة رعدية ممطرة... تمخضت عنها فكرة....!







ليست هناك تعليقات: